إلى كل شاب تعلق بفتاة أو العكس
أخوتي في الله ...
أشعر بما أنتم فيه من معاناة ، وإني لأعلم أن منكم من يستلطف هذه المعاناة أحياناً إلا أن القلق والشعور بالذنب يختلج القلوب مؤشراً صادقاً على الإحساس باستهجان هذه العلاقة وبغضها ، وأن منكم من يشعر بذلك و يعيش خداع الذات ، وآخرون يحملهم ذلك على استنكار تصرفاتهم وحساب أنفسهم ..... أليس كذلك ؟!
أحبتي في الله ... لنملأ قلوبنا ثقة بالله بأنه تبارك وتعالى أرأف بعباده من أن يأمرهم ما لا يستطيعون فعله ؛ أو ينهاهم عن شيء لا يستطيعون تركه ، فلقد قال الله تعالى (( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )) ، فيا من أجريت علاقة محرمة مع تلك الفتاة فوالله إنك تستطيع التخلص من هذه العلاقة لأن الله ينهاك عنها ، والله لا ينهاك عن شيء لا تستطيعه . فهذا قول الله فهل ستصادمه ؟!
وأنت يا أخت الإسلام ... هذا قول الله وهو أصدق القائلين فلا أظنك تعارضينه .
اخوتي في الله ألا ترون عجباً عندما تتأملون حال المرأة في المسجد ؛ وذلك عندما يسهو الإمام في صلاته فإنه يشرع في حق المرأة التنبيه بالتصفيق لا بالكلام أما الرجل فيقول سبحان الله ،، لاحظوا معي أن الأمر في صلاة والإنسان في العبادة أبعد عن المعصية ، ثم أنهم في بيت من بيوت الله له احترامه وتكريمه عن دناءة الأخلاق ، مع ذلك فقد يفتن الرجل بصوت المرأة إذا تكلمت ، فلا يجوز لها أن تتلفظ بقولة " سبحان الله " ، ولاحظوا أيضاً أن لفظة سبحان الله ذكر مجرد من أي مغزى يجر للرذيلة ! لا تصريحاً ولا تلميحاً !
فإذا كان صوتها قد يفتن المصلين وهي في بيت من بيوت الله ولأمر من مصلحة الصلاة فكيف بغير ذلك أيها الفطناء ؟!
فكيف بالمحادثات التي تمدد إلى الساعات وفي الخلوات ؟!
وقال الله في كتابه العزيز مخاطباً أمهات المؤمنين (( ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا )) فهذا أمر من الله لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بعدم الخضوع في القول والتكسر في الحديث وعلل ذلك لئلا يطمع الذي في قلبه مرض ، والمرض هنا مرض الشهوة كما جاء في تفسير هذه الآية .
فلا حظوا أيها الأعزاء .... أن هذا الخطاب موجه للتقيات العفيفات أبعد الناس عن لوثة المعاصي زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف بغيرهن أيها الفطناء ؟!
حتى نعلم حال بعض الفتيات اللاتي يتظاهرن بالثقة بأنفسهن ، فما هن إلا مغالطات لأنفسهن فلسن والله بأطهر من نساء النبي صلى الله عليه وسلم .
و قال تعالى (( و لا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )) أي على المرأة أن تمشي بهدوء حتى لا يسمع الرجال صوت خلخالها فيفتنون ، فإذا كان إظهار صوت الخلخال لا يجوز فكيف بصوت المرأة المصحوب بالتميع والتكسر والضحكات والهمسات وبذيء الكلام ؟!
ثم يأتي البعض ويقول بأنه حسن المقصد ، يجري المحادثة الشيطانية ويزعم بأنه سليم النية وطاهر القلب ولقد علّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ما في الباطن ينعكس على الظاهر ولا بد فأعطانا قاعدة جليلة فقال صلى الله عليه وسلم (( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )) .
فهذا الحديث رد قاطع على من يعمل أعمالا باطلة ويزعم بأنه سليم المقصد وأن قلبه ذو صفاء ونقاء كما يزعم البعض ويلطف فعلته بأن نواياه حسنة ومقصده سليم ، فيتحدث ويقطع الأوقات بالكلام المسموم ويرضي شهوته ويشبع نهمته ثم إذا أفاق من سكرته زعم أن قلبه طاهر نقي !! .
و لو كان قلبه سليم نقي لرأينا صلاح في الأعمال والأقوال ؛ لأن القلب أمير الجوارح لو صلح القلب صلحت الرعية وهي الأعضاء ، ولكن لما كان قلبه فيه خلل وفساد ظهر ذلك على الأعمال والأقوال
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )) .
ثم - أيها العابثون بالأعراض - لو زعمتم أن علاقتكم تلك لا تتعدى مجرد الحديث لكان ذلك كافياً في على إدانتكم وشاهداً على جريمتكم لإن اللسان يزني وزناه الكلام والسمع يزني وزناه الاستماع : فلقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( كتب الله تعالى على كل نفس حظها من الزنى )) وجاءت زيادة حكم عليها الشيخ الألباني بالصحة : (( فالعين تزني وزناها النظر واللسان يزني وزناه الكلام واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها المشي والسمع يزني وزناه الاستماع ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه )) .
ولقد أودع الله سبحانه وتعالى شهوة في الجنسين ليميل كل إلى الآخر لحكم يعلمها الله منها التكاثر و حفظ النوع البشري ، وجعل هذه العلاقة يحددها ضابط شرعي وهو الزواج ، وحرم الزنا وكل الطرق الموصلة إليه من السمع والنظر . فقال تعالى (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا )) .
وقال تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهم ويحفظن فروجهن
فأمر الله بقطع الطرق الموصلة للزنى ، والعلاقة المحرمة من محادثة الجنسين من الطرق الموصلة لذلك كما معلوم للجميع .
ومما يساهم في إيجاد الرغبة الملحة لتكوين العلاقة بين الجنسين بعد عدم الخوف من الله ومراقبته ما يكون من رؤية النساء في القنوات و المجلات وما يحدث من الاختلاط ، كذلك خروج بعض النساء إلى الأسواق متعطرات متبرجات ، تتكسر الواحدة منهن في الكلام مرتدية ما تسميها عباءة تكشف عن بعض مفاتنها . فتبدو في كلامها ومشيتها وزينتها وكأنها بغي تعرض نفسها .
وأيضاً ما يكتب في ساحات المنتديات و حوارات الشات والماسنجر يكتبون ويتحدثون ما كأن الله يعلم جهرهم وسرهم بل ونجواهم وما يكتمون ، وما كأنهم محاسبون على ما يعملون
قال تعالى (( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ )) .
كذلك مما يغري ويرغب في تكوين تلك العلاقات : الاستماع إلى الغنــاء ، وأكاد أجزم بأنه لا يوجد من يستمع للأغاني إلا ويحدث نفسه بالنساء والزنى ، لأن الغناء رقية الزنى وبريده ، والداعي صراحة للفجور ، و لا يخرج موضوع الغناء غالباً عن إطار هذه العلاقة المحرمة ، من التغني بصفات المرأة ومحاسنها ، والمواعيد واللقاءات المظلمة ، وإظهار اللوعة والتحسر على فوات الفاحشة أو بنياتها ! .
ولا يغرنا احتفاء الأعلام من القنوات والصحف والمجلات بالمغنين والمغنيات فإنهم من أراذل الناس وأفسقهم وإن لمعهم الإعلام الساقط ووصفهم بالنجومية ، فإننا نعرف أن النجم يهدي الساري الطريق ، وهؤلاء المغنون الغافلون إنما يُضلون ولا يهدون ، وإن الألفاظ لا تغير من الحقائق شيئاً ، وكان الأجدر بالإعلام أن يوقف شر هذا السرطان الذي سرى في شباب الأمة وفتياتها فوأد الحشمة ونحر العفة فلله المشتكى و( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) .
ويسهل الغناء من فظاعة الأمر ويصور الأمر على أنه محبة لا بأس بتبادلها والتعبير عنها ، ولقد أخبرنا الله أن كل محبة ستنقلب إلى عداوة يوم القيامة إلا محبة المتقين فقال الله تبارك وتعالى (( الأخلاء ُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا الْمُتَّقِينَ)) .
فما فائدة المحبة المزعومة عندما تنقلب إلا عداوة وتفتضح الأسرار وتبدو الفضائح على مسمع ومرأى الأولين والآخرين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فقيل هذه غدرة فلان ابن فلان رواه مسلم وغيره .
بما ستحتال أخي حينها ؟!
و بأي عذر أختي ستبررين ذلك الموقف العصيب ؟!
لا سبيل للجحود والتبريرات ، قال الله تعالى (( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) .
فهذا ما تجر إليه هذه العلاقات من خزي في الآخرة نعوذ بالله من ذلك المصير .
وقبل ذلك الخزي خزي ونكال في الدنيا قال الله تعالى ( الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) .
قال الإمام أحمد رحمه الله [ لا أعلم ذنباً أعظم بعد الشرك والقتل من الزنى ] .
أيضاً من جملة الخزي والعذاب ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم من عذاب الزناة أنهم يكونون رجالهم ونساءهم عراة في تنور أسفله واسع وأعلاه ضيق يعذبون يصالون النار ولهم صراخ جزاء بما كانوا يصنعون ولا يظلم ربك أحداً .
والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة .
وأخيراً .... تذكروا إخواني وأخواتي ... أن الدنـيا مهــــر الجــنة ، وأن الدنيا دار امتحان فطبيعي أننا سنرى أشياء مغرية ومفتنة ، ولو أن الله ما أودع فينا رغبة وشهوة لما أصبح لأحد منا ميزة عن الآخر ، ولكن الله جعلنا نرغب ونشتهي فإذا امتنع أحدنا لله ، خوفاً منه وطمعاً فيما عنده ، يكون هو الفطن الذي علم بأن هذا الدار إنما دار تحصيل ، والعاقل لا يبيع الجنة من أجل لذة تنقضي ويبقى إثمها وألمها وحسرتها ، ولكنه بعيد الأفق يعيش في الدنيا وقلبه معلق بالآخرة ونعيم الجنة حيث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر في أبد لا يزول ،
قال الله تعالى : (( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ))
في روضات الجنة يتقلب وعلى الأسرة يجلس وعلى الفرش التي بطائنها من إستبرق يتكئ وبأنواع الثمار يتفكه ويطوف عليه من الولدان المخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون و فاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعلمون ، .... ويطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ، في قصور الجنة ينظرون إلى الرحمن تبارك وتعالى ويمتعون أنظارهم . ويلتقون بصفوة البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه الأنبياء وصحبهم الكرام . نعيم لا يوصف ، لا هم ولا كدر ، لا عرق ولا أذى ، لا قذر ولا حيض ولا نفاس ، لا تعب ولا نصب ، قال الله تعالى (( لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين )) ولا نوم لكي لا ينقطع النعيم بنوم . و لا عبادة تنشأ إلا لمن أراد أن يتلذذ بها فهي دار جزاء لا دار عمل .