ا
لسينما..
تعليق على السينما في السعودية..
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
تأملت في قضية السينما.. ثم تأملت.. ثم عدت فتأملت..؟!!..
والباعث على التأمل، فكرة جديرة بالنظر:
ما الداعي إلى سينما، إذا كان المعروض فيه، معروض في التلفاز ؟!!.
والتلفاز أسهل، ليس عليه مزاحمة، ولا إنفاق مال، ولا شيء من هذا..
لم أجد لذلك علة إلا أنه مدرُّ للثروة، وسبب في ربح كثير، يعود على أصحاب السينما، خصوصا منتجي الأفلام..
فالعائد من مداخيل السينما يُسيِّل لعاب المحبين للمال حبا جمّا.. واسأل مداخيل شباك التذاكر في: الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا.. والهند.. إلخ. إنها ملايين، وعشرات الملايين، ومئات..
فاالسينما أول جهة تعرض الأفلام الجديدة.. تسبقه دعاية تسوق الناس سوقا، وتحملهم حملا على التهيء، وشد الرحل إلى الدُّور، ليكونوا الأول، والعاشقون لهذا النوع من المكاسب كثير، وما يدرِّونه من ربح على المنتجين هو أكثر وأكثر، يغطي تكاليف الإنتاج أضعافا مضاعفة..
فأين هذا مما تدفعه القنوات مقابل عرض تلك الأفلام ؟.
إذن لا عجب من الحرص الشديد، فالسوق سوق واعد؛ فهو حديث، وتجربة جديدة، وهناك متلهفون ولو من باب التجديد، حتى لو لم تكن الأفلام في المستوى اللائق بالفن والعالمية، لكن كل جديد له لذة.
تلك علة كبرى.. ولاتنفي العلل الأخرى، فبعض المشروعات تقوم على فكرة تغيير نمط المجتمع المعتاد؛ فمثل الملاهي الليلية والبارات وصالات القمار ونحوها، تهدف إلى مكاسب مادية في المقام الأول، غير أنها تجارة بائرة في مجتمع يؤمن بالله ويخشاه ويتقيه، وعليه فأولاً لا بد من تهيئة المجتمع ليتقلل من إيمانه وخشيته وتقواه، ويكون أجرأ على اقتحام التأويل، وتسويغ التسهيل، والإمعان في الإرجاء، فبذلك يمكن أن تحقق تلك البؤر المكاسب، وينجح المشروع.
نشر السفور والاختلاط مطلب مُلحّ لأهداف اقتصادية، فملاّك المال ليس لهم من همّ إلا الجمع والعدّ، وأما الدين والأخلاق فإذا أمكن تأويلهما، فبها ونعمت، وإلا ...
أتينا على موضع الجرح ؟..
اتحاد الكلمة بين المؤمنين المتقين، يغلق الأبواب، أو يضيق الخناق على المكاسب المادية، المبنية على الهبوط والانهيار في الأخلاق.. غير أن اختلافهم هي البلية ؟؟؟!!..
كيف يمكن إصلاح السينما، أو تطويعها ؟.
لو أصلحت تاجر سينما، فطوع عمله للخير، فماذا عن البقية، وهم كأسراب النمل، وأمامهم الباب مفتوح؟.
حسنا، لو نصرت الدعوة إلى إنشاء سينما، أو سكتّ ولم تعارض، بداعي أن الأحسن محاولة إصلاحه، لا محاولة منعه.. واستغلاله لا رفضه، حتى لا تظهر بمظهر الرافض لكل شيء، فماذا ستصنع بكل ما سبق من علل ؟.
ومتى يمكن أن تحقق ما تتمناه، أو يتحقق لك بمعجزة ؟..
ثم ألا ترى أن لك هدفا ساميا، نعم لا ريب، لكنك أسديت خدمة لصناع السينما هي أكبر وأكثر،؟.
فإنهم لا يزالون منتفعين برضاك عن فعلهم، يستندون إلى موقفك لإرضاء الناس، والاحتجاج على المنكرين.. وإلى أن تحصِّل هدفك - إن حصّلته - تكون قد خسرت، والأمة خسرت !!!!.
أظن أن القياس الصحيح، قياس الربح والخسارة.. {وإثمهما أكبر من نفعهما}؛ أي فلذلك حرما.
ولا أظن صحة قياس السينما على التلفاز، فبينهما فارق..
واتحاد المؤمنين المتقين موجب لثبات الناس، حتى من خطى منهم بعيدا، فمصيره أن يعود..
لكن اختلافهم، وخدمتهم باختلافهم أغراضا لآخرين: موجب لضعف الناس، واضطرابهم، وفتنتهم..
{واتقوا الله ويعلمكم الله}.
والله الموفق..
* * *
السينما مرة أخرى..
- السينما ذو حدين اثنين..
- منهج المعارضة لم تنفع..
- فهاهم معارضون سابقون، منخرطون إلى الثمالة..
- الأحسن أن نغير المعارضة إلى مبادرة..
- الأحسن أن نمارس التصحيح من داخل المستجدات.
لكن..
هات شيئا ذا حد وحيد..؟!!..
إنما الحكم لما غلب.. بحكم النقل والعقل..
أما المعارضة فدائما نافعة.. {ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد ..}.
المعارضة تفتح الأبواب، وتحد من جموح الاحزاب الحاكمة.
لو تأملت..!!.. لولا المعارضة، لما كان للمشايخ في القنوات هذا الحضور...
انخراط المعارضة في المشاريع المنتقدة، على وجهين:
- إما للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وليس لها حكم أبدي.
- أو اجتهاد جديد، يخطيء ويصيب.. لكنهم ليسوا حجة على من تمسك بمكانه.
عن المبادرة..
هي مبادرتان:
- مستقلة بإرادة خالصة وبشروط وميزان خالص.
- أو منضوية تحت إرادة وشروط الآخرين.
فأيهما ؟.
لا تقل لا تملكون مبادرة..
فهذا رأيك، فكل له مبادراته.
التصحيح من الداخل إن أمكن، فلا نزاع.
لكنك تراه ممكنا، وغيرك لا يراه..
فما الحل ؟.
الحل: حصر الأدلة في الحالين.. تجارب، شهادات، تحليلات، استقراء.
ثم الحكم بطريق السبر والتقسيم..
فهل ثمة من يفعل ذلك، ليصيب الحكم بدقة ؟.
كلا، إنما هو إعجاب كل ذي رأي برأيه..!!!!!..
والله أعلم.
* * *
لازلنا في السينما..
بعد متابعتي لبرنامج البيان التالي عن قضية السينما..
أشعر أن الحكمة غائبة..؟!!.
كونوا معي:
ثلاثة أطراف:
- مناصر لسينما، فيها ما اتفق على تحريمه.
- رافض هذه السينما.
- يريد سينما، لكن نقية.
الذي أشعلها، ابتداءُالسينما بصورتها غير النقية، والمرفوضة حتى ممن يريدها نقية.
فكان ماذا؟.
نزل الرافض إلى ميدان الإنكار، كتابة وفعلا، فضيق الخناق، وأفشل المساعي إلى حد ما.
بالطبع حصل الاستنكار من الإنكار، لكن الصوت الأقوى كان المنع؛ فالتجربة الأولى ليست مشجعة لأن تساند.. دع عنك التجارب الأخرى.
هنا دخل في الخط، من أرادها لكن نقية.!!..
توجه بالإنكار.. لكن إلى الرافض، وبذل حجته ومهجته في سبيل ثنيه عن المضي في الرفض والمعارضة؛ مستعملا تارة التاريخ، وتارة العقل، وتارة الدين، وتارة بالتوبيخ .. إلخ.
غدت المعركة بين الرافض ومريدها نقية..
والمناصر يراقب.؟؟!!.
ما أجملها من معركة غير حكيمة..
وأين الحكمة هاهنا؟.
الرافض يرفض مثالا حاضرا، متفق على منعه.. فلم محاولة لجمه، وقتل جذوةالإنكار في روحه ؟.
حسنا..
قتلتم تلك الجذوة المانعة، ففتح الطريق وتمهد، فماذا يمكنكم أن تفعلوا إزاء الانفلات الذي سيكون حتما ؟.
هل لديكم قوة في الممانعة تجاه السينما المحرمة، كقوة الممانعين الآن؟.
ألم يكن من الحكمة أن تستبقوها، سندا لكم، حين الحاجة؟.
أو إنكم ألغيتم من قاموسكم خيرية هذه الأمة ؟!!
يعني..
لو سلطتم جهدكم في رفض المثال الذي حصل، أليست الحكمة هي ؟.
ثم بعد ذلك قولوا لمن أراد السينما.. هات المثال الناجح، ونحن نؤيدك، ونقف معك، حتى لو ضد إخوتنا من التيارات الإسلامية..
أما أن تتسلطوا على الممانع، وقد رأى مثالا غير مشجع، فتأمروه بالسكوت، وتفرضوا عليه الرضى..
بصورة أخرى..
لو كان المثال الأول نقيا، ثم جاءت المعارضة، فحينئذ لكم العذر في الاعتراض على الاعتراض.. أما والمثال غير نقي..
فكيف تفسرون هذا الموقف ؟.
أنا أفسره بغياب الحكمة..
وسبحان ربي يؤت الحكمة من يشاء ..
* * *
السينما للمرة الأخيرة..
المعارضة ما جدواها، إن كانت النتيجة الانخراط في العملية المعترض عليها ؟.
عارضتم تعليم البنات، ثم كنتم الأسبق إلى تعليم بناتكم..
عارضتم التلفاز، وها أنتم اليوم ملء العين فيه، ومثله الدشوش.
ذلك الاستدراك يمثل السطحية بكل معانيها، مع كرهي لاستعمال هذه الكلمة، لكن ما حيلة المضطر إلا ركوبها.
مفهوم الاستدراك: أن المعترضين هم اليوم في العملية ذاتها، نفسها، وعينها التي اعترضوا عليها.. يتعاطونها بشكل متناقض مع مواقفهم السابقة.
وهو تعبير ساذج، لم ينفذ إلى العمق؛ ولذا وصفته بالسطحية.. وسأبين ذلك:
إن الذين اعترضوا عن تعليم البنات، اعترضوا على صورة معينة منه؛ أي ليس لذات التعليم، فهم علماء، ويعلمون قبل غيرهم: أن العلم خير من الجهل. إنما لطريقة التعليم، الموافقة للطريقة الغريبة، التي تؤول إلى الفساد بإخراج المرأة، لما رأوا في البلاد المجاورة من تبدل أوضاع المرأة المسلمة، بسبب هذا النوع من التعليم خاصة..
ثم لما حصّلوا الضمانات، لم يكن حينئذ ما يمنع من الموافقة والفتوى بذلك، بل والمسارعة في تعليم بناتهم..
وقد كان من ثمرة معارضتهم، أن بقي التعليم في صورة بعيدة عن الاختلاط، محتفظة بصورته الإسلامية – إلى حد كبير- نصف قرن حتى اليوم.
ولا أدري كيف كانت ستسير الأمور لولا تلك المعارضة، خصوصا وقد كانت محاولات جادة لخلط التعليم منذ فترة مبكرة، ومن يقرأ في فتاوى ابن إبراهيم يعرف هذا.
ويقال في التلفزيون ما قيل في التعليم؛ وأنت ترى القنوات السعودية إلى اليوم ليس فيها ما في جاراتها.. هل كان ذلك ليكون لولا المعارضة ابتداء..؟.
المعارضة إن كان مبررها صحيحا، فإن تحفظ الحق، أو بعض الحق، وتحمل الآخر على محاسبة نفسه، والتريث، وترك كثير من أهدافه، أو تأخيرها.. أليست هذه مكاسب كبيرة ؟.
فليس من الحكمة في شيء إذن، قتل المعارضة..
وهل أصلحت الحكومات من طريقتها، وأعطت الحقوق والحريات إلا بالمعارضة..؟.
السكوت والانصراف إلى البناء وحده لا يكفي، فكما قال القائل:
متى يبلغ البنيان يوما تمامه... إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم.
أما القنوات، فإن معارضتها سبب رئيس في الحركة تجاه إنشاء النظيفة منها، وسبب رئيس كذلك في الأبواب للبرامج الدينية وللعلماء والمشايخ في القنوات الخليطة.
المعارضة في حقيقتها هي الرأي الآخر..
وعهدنا أن الممتعضين من المعارضة اليوم، هم الذين ينادون باحترام الرأي الآخر، مهما كان، حتى لو كان من ملة أخرى، فما بالهم يصادرون حقوق هؤلاء في الاعتراض ؟!!..
عجبا ؟؟!!!..
المعارضة هي الخلاف بالرأي، وهو مفيد في مثل هذه القضايا غير المحرم لذاتها؛ فإنها تكشف جوانب خفية للطرفين، لمن أراد استكمال وجه الفكرة، وفهمها بكافة.. أما من أراد الاستبداد بفكرته، فلا يحق له أن ينادي باحترام الآخر.
إذا رأيتني معترضا على شيء، ثم رأيتني وقد تعاطيته واستعملته.. فقبل أن تحكم: أنظر. هل تغير أم كما هو لا يزال ؟.
فإن كان كما هو .. فلك الحق أن تنقد وتعترض وتتهم بالتناقض..
أما إن كان قد تغير، فاعتدل وصلح شأنه، أو خف شره.. فليس لك حق النقد، فإذا نقدت كنت "سطحيا" .. مع بالغ الأسف لاستعمال هذه الكلمة..
ثم إن كنت فقيها، فبالضرورة تعلم: أن الضرورة تبيح المحظورة، وقد تولى يوسف عليه السلام خزائن مصر للعزيز وقد كان العزيز مشركا..
فهل كان يوسف متناقضا مع مبادئه، وهو يتولى عملا تحت ولاية مشرك؟.
وشكرا..